سورة آل عمران - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)}
{فَلَمَّا أَحَسَّ} فلما علم منهم {الكفر} علماً لا شبهة فيه كعلم ما يدرك بالحواس. و{إِلَى الله} من صلة أنصاري مضمناً معنى الإضافة، كأنه قيل: من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله، ينصرونني كما ينصرني، أو يتعلق بمحذوف حالاً من الياء، أي من أنصاري، ذاهباً إلى الله ملتجئاً إليه {نَحْنُ أَنْصَارُ الله} أي أنصار دينه ورسوله. وحواريّ الرجل: صفوته وخالصته. ومنه قيل: للحضريات الحواريات لخلوص ألوانهن ونظافتهن قال:
فَقُلْ لِلَحوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنَا *** وَلاَ تَبْكِنَا إلاّ الْكِلاَبُ النَّوابِحُ
وفي وزنه الحوالي، وهو الكثير الحيلة. وإنما طلبوا شهادته بإسلامهم تأكيداً لإيمانهم، لأنّ الرسل يشهدون يوم القيامة لقومهم وعليهم {مَعَ الشاهدين} مع الأنبياء الذين يشهدون لأممهم أو مع الذين يشهدون بالوحدانية. وقيل: مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم شهداء على الناس {وَمَكَرُواْ} الواو لكفار بني إسرائيل الذين أحس منهم الكفر، ومكرهم أنهم وكلوا به من يقتله غيلة {وَمَكَرَ الله} أن رفع عيسى إلى السماء وألقى شبهه على من أراد اغتياله حتى قتل {والله خَيْرُ الماكرين} أقواهم مكراً وأنفذهم كيداً وأقدرهم على العقاب من حيث لا يشعر المعاقب.


{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57)}
{إِذْ قَالَ الله} ظرف لخير الماكرين أو لمكر الله {إِنّي مُتَوَفّيكَ} أي مستوفي أجلك. معناه: إني عاصمك من أن يقتلك الكفار؛ ومؤخرك إلى أجل كتبته لك. ومميتك حتف أنفك لا قتيلاً بأيدهم {وَرَافِعُكَ إِلَىَّ} إلى سمائي ومقرّ ملائكتي {وَمُطَهّرُكَ مِنَ الذين كَفَرُواْ} من سوء جوارهم وخبث صحبتهم.
وقيل متوفيك: قابضك من الأرض، من توفيت مالي على فلان إذا استوفيته: وقيل: مميتك في وقتك بعد النزول من السماء ورافعك الآن: وقيل: متوفي نفسك بالنوم من قوله: {والتى لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42] ورافعك وأنت نائم حتى لا يلحقك خوف، وتستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب {فَوْقَ الذين كَفَرُواْ إلى يَوْمِ القيامة} يعلونهم بالحجة وفي أكثر الأحوال بها وبالسيف، ومتبعوه هم المسلمون لأنهم متبعوه في أصل الإسلام وإن اختلفت الشرائع دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى {فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} تفسير الحكم قوله: {فَأُعَذّبُهُمْ... فنوفيهم أُجُورَهُمْ} وقرئ {فيوفيهم} بالياء.


{ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)}
{ذلك} إشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى وغيره وهو مبتدأ خبره {نَتْلُوهُ} و{مِنَ الايات} خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف. ويجوز أن يكون ذلك بمعنى الذي، ونتلوه صلته. ومن الآيات الخبر: ويجوز أن ينتصب ذلك بمضمر يفسره (نتلوه) {والذكر الحكيم} القرآن، وصف بصفة من هو سببه، أو كأنه ينطق بالحكمة لكثرة حكمه.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11